You are here

أثر الاعتداءات الإسرائيلية خلال انتفاضة الأقصى على الأطفال الفلسطينيين نفسيا، سل

المصدر: 
المركز الفلسطيني للإرشاد
الناشر: 
نعمة الله النابلسي
السنة: 
2008
تهدف هذه المقالة الى القاء الضوء وبشكل عام على تأثيرات انتفاضة الأقصى على الأطفال

تهدف هذه المقالة إلى تسليط الضوء على الآثار النفسية والسلوكية والتعليمية والاجتماعية لممارسات الاحتلال الإسرائيلي على الأطفال الفلسطينيين خلال انتفاضة الأقصى، وتستخدم الدراسة الأسلوب الوصفي في التعريف بالممارسات الإسرائيلية وأيضا في التعريف بالاضطرابات النفسية التي ظهرت على الأطفال الفلسطينيين نتيجة هذه الممارسات، مستفيدة من إحصاءات في هذا المجال، وتستعرض المقالة الظواهر السلوكية التي بدت على الأطفال الفلسطينيين خلال الانتفاضة، وتحلل المقالة ارتباط المستوى التعليمي وخاصة مؤشرات الالتحاق بالمدارس والرسوب والتسرب مع الاعتداءات الإسرائيلية على المدارس خلال انتفاضة الأقصى، كما تحلل ارتباط نشاط الأطفال الاجتماعي، وممارستهم للألعاب الترفيهية، وأيضا حالات الجريمة بين صفوف الأطفال الفلسطينيين خلال فترة الدراسة، وتقارنها بما كان عليه الحال قبل الانتفاضة، كما تحللها في ضوء تذبذب شدة الاعتداءات الإسرائيلية خلال أعوام الانتفاضة، مستفيدة مما هو متوفر من إحصاءات في هذا المجال.

أظهرت النتائج أن 90% من الأطفال الفلسطينيين كانت لهم تجربة في حوادث سببت لهم صدمة في حياتهم، وكان معظم هذه التجارب ذا علاقة بممارسات الاحتلال، إذ أفاد 84.9% من الفلسطينيين أنهم شعروا باضطرابات نفسية في أسرهم نتيجة العنف الإسرائيلي، ونتيجة لذلك ظهرت عليهم اضطرابات عقب الصدمة، وخاصة نوبات البكاء، والخوف من الوحدة، والخوف من الظلام، والتبول اللاإرادي.

كما أظهرت النتائج آثار سلوكية على الأطفال الفلسطينيين بسبب ممارسات الاحتلال خلال انتفاضة الأقصى، وتمثلت هذه السلوكيات بإشعال الحرائق، وشتم الآخرين، والتكسير، والانعزال والابتعاد عن العائلة والأصدقاء، والرغبة في النوم مع الوالدين أو الاخوة.

وأيضا تبين من النتائج أن نسبة الالتحاق بالمدارس الأساسية والثانوية قد تراجعت خلال انتفاضة الأقصى من 95.3% للمرحلة الأساسية، و53.6%  للمرحلة الثانوية عام 1998/1999 إلى 91.7% للمرحلة الأساسية، و 44% للمرحلة الثانوية عام 200/2001.

وتوضح النتائج أن النشاط الترفيهي للأطفال الفلسطينيين قد تأثر خلال انتفاضة الأقصى، إذا أوضحت إحصاءات عام 2006 أن 67% من الأطفال الفلسطينيين لا يرغبون بالقيام بأي نشاط أثناء وقت فراغهم، وأن 32.8% منهم يرغبون بالقيام بنشاط ولكنهم لم يتمكنوا من ذلك، و عزى معظمهم 28.7% ذلك الى عدم وجود الوقت الكافي، ويمكن تفسير ذلك بانتشار ظاهرة عمالة الأطفال الفلسطينيين والتي ازدادت خلال انتفاضة الأقصى بسبب تدهور الأوضاع الاقتصادية.

بالإضافة إلى ذلك فقد ارتفع عدد الأحداث الذين أودعوا في المؤسسات الإصلاحية خلال انتفاضة الأقصى، من 367 عام 2000 إلى 447 عام 2006، وكان معظمها حالات سطو وسرقة، الأمر الذي يعكس تدهور الأوضاع الاقتصادية للشعب الفلسطيني خلال انتفاضة الأقصى.

من هنا فإنه لا بد من الاهتمام بتوفير الدعم النفسي اللازم للأطفال الفلسطينيين، وتدريب المعلمين والمعلمات والمرشدين في المدارس على كيفية تقديم العون اللازم، إذ أفادت النتائج أن 19.6% من الأطفال يحصلون على الإرشاد من معلم الصف، وأن 15.5% منهم يحصلون على الإرشاد من مرشد المدرسة، مقابل 40.7% يحصلون على المساعدة من مؤسسات خاصة.

 المقدمة

عندما تضغط الأصابع العسكرية المحتلة على أزرار آلات الحرب للقتل وإلحاق الأضرار الجسدية وهدم البيوت وتجريف الأراضي، وتحقيق المكاسب العسكرية على الأرض، وفرض الوقائع السياسة على التاريخ، يقف الإنسان مستجمعا كل ما لديه من قوة ليتشبث بإنسانيته وسط كل الدمار الذي تنشره آلة الحرب، ولكن وحتى بعد أن تغادر آلة الحرب بعشرات السنين تظل بصمة الحرب الزرقاء كزرقة الموت مطبوعة كدمغة وحشية على قلوب من عايشوا المأساة، ولترخي ظلالها على حياتهم وأحلامهم، ولترسم ملامح مستقبل أبناءهم وصحتهم النفسية.

إن الآثار النفسية للحرب -أي حرب- تظل جاثمة على نفوس المتضررين المباشرين منها، وتمتد لتطال أولئك المتسمرين أمام الشاشات يراقبون ما يحدث لأبناء جلدتهم. ولما كان الإنسان البالغ قادراً على فهم أبعاد ما يحدث، فإن الطفل المتعرض للعنف أو المشاهد له يتأثر به وينفعل معه دون أن يدرك أسبابه ولا أبعاده، ولأهمية مرحلة الطفولة في حياة الإنسان وبناء شخصيته، تركز هذه المقالة على الآثار النفسية والسلوكية والتعليمية والاجتماعية على الأطفال الفلسطينيين الناتجة عن ممارسات الاحتلال الإسرائيلي خلال انتفاضة الأقصى.

تهدف المقالة إلى التعريف بالاضطرابات النفسية التي عانى ويعاني منها الأطفال الفلسطينيين نتيجة ممارسات الاحتلال ومدى انتشارها، وأيضا التعريف بالآثار السلوكية والتعليمية والاجتماعية الناتجة عن الاعتداءات الإسرائيلية.

وتستخدم المقالة الأسلوب الوصفي والتقريري في التعريف بالممارسات الإسرائيلية والاضطرابات النفسية الناتجة عن هذه الممارسات، وأيضا في التعريف بالظواهر السلوكية التي طرأت على الأطفال الفلسطينيين خلال فترة الدراسة، كما تقارن الدراسة بين مستويات الالتحاق بالمدارس في المرحلتين الأساسية والثانوية قبل وبعد انتفاضة الأقصى، وأيضا تقارن نسب الرسوب والتسرب من المدارس خلال فترة الدراسة، كما تحلل الدراسة مؤشرات مثل ممارسة النشاطات الترفيهية بين الأطفال، ورغبة الأطفال في القيام بالنشاطات والعوائق التي تمنع الأطفال من ذلك، وتقارنها بأعوام مختارة عام 2000، وعام 2003 وعام 2006، لتحليل أثر الانتفاضة على هذا الجانب من حياة الأطفال الفلسطينيين، وأخيرا تقارن الدراسة بين معدلات الجريمة بين الأطفال الفلسطينيين قبل وخلال انتفاضة الأقصى لتحليل تأثير الانتفاضة على معدلات ارتكاب الجريمة من قبل الأطفال الفلسطينيين.

وتتناول المقالة في محورها الأول الممارسات الإسرائيلية خلال انتفاضة الأقصى، من قتل وإصابة وتدمير، مستعرضة الإحصاءات في هذا المجال خلال فترة الدراسة الممتدة من عام 2000 إلى عام 2008.

أما المحور الثاني الذي تركز عليه المقالة فهو الاضطرابات النفسية والسلوكية التي ظهرت على الأطفال الفلسطينيين نتيجة هذه الممارسات خلال فترة الدراسة، والتي يمكن إجمالها باضطرابات عقب الصدمة.

وتركز المقالة في محورها الثالث على الجانب التعليمي والاجتماعي للأطفال الفلسطينيين مستعرضة إحصاءات الالتحاق بالمدارس للمرحلتين الأساسية والثانوية، وأيضا نسب الرسوب والتسرب من المدارس، بالإضافة إلى رغبة الأطفال بممارسة النشاطات الترفيهية خلال وقت الفراغ، والأسباب التي تمنعهم من ذلك، ويتطرق هذا المحور أيضا إلى ارتكاب الجرائم من قبل الأطفال الفلسطينيين خلال فترة الدراسة. ويستعرض المحور الأخير من المقالة النتائج التي توصلت لها المقالة والتوصيات التي خرجت بها في ضوء النتائج.

الممارسات الإسرائيلية خلال انتفاضة الأقصى

يمكن تلخيص الممارسات الإسرائيلية خلال انتفاضة الأقصى، بأعمال القتل إما بالرصاص أو القصف، وأيضا بالإصابة، والاعتقال والتدمير. فقد بلغ عدد الشهداء الفلسطينيين منذ بداية انتفاضة الأقصى وحتى تاريخ 31/3/2007 4713، منهم 904 طفل، أي ما نسبته 19.2%، كما بلغ عدد المعتقلين من الأطفال حتى تاريخ 20/2/2006 391 معتقل. وتتراوح الإصابة بين الإصابة بالرصاص الحي، أو الإصابة بالرصاص المطاطي، استنشاق الغاز المسيل للدموع، والتعذيب والضرب على يد جنود الاحتلال، أما التدمير فيمكن تقسيمه إلى تدمير جزئي للمنزل أو تدمير كلي، وقد دمر الاحتلال منذ بداية انتفاضة الأقصى وحتى تاريخ 30/4/2007 77759 منشأة في الأراضي لفلسطينية، منها 77433 بيت.

ويذكر أن أعلى عدد من الإصابات بشكل عام كانت في العام الأول للانتفاضة عام 2000، حيث بلغ مجموع الإصابات 10603، كان معظمها إصابات بالغاز حيث سجل 3318 حالة، أما عام 2001 فقد كان أعلى شكل التعذيب والضرب أعلى أشكال الإصابات فقد سجل 2223 حالة، من أصل 6386 حالة إصابة سجلت في ذاك عام، وكذلك الحال عام 2002 فقد كانت الإصابات الناتجة عن التعذيب والضرب أعلى أشكال الإصابات حيث سجل 1943 حالة في ذاك العام من أصل 4382 إصابة، واستمرت أعداد الإصابة بالتراجع حتى عام 2008، وقد بلغ عدد المصابين من الأطفال حتى 28/9/2005 (28822 ) ويبين ذلك الجدول التالي أثر الاعتداءات الإسرائيلية خلال انتفاضة الأقصى على الأطفال الفلسطينيين.
جدول رقم (1)

جرحى انتفاضة الأقصى حسب السنة ونوع وأداة الإصابة

29 أيلول 2000_- 29 شباط 2008

 

المجموع

نوع أداة الإصابة

 السنة

متفرقات (1)

غاز

رصاص معدني مغلف بالمطاط

رصاص حي

10,603

1,050

3,318

4,067

2,168

2000

6,386

2,223

1,484

1,237

1,442

2001

4,382

1,943

536

244

1,659

2002

2,992

1,440

215

327

1,010

2003

4,009

1,481

777

433

1,318

2004

993

350

174

232

237

2005

1,781

909

118

303

451

2006

686

269

29

174

214

2007

381

230

32

32

87

2008

207

104

20

28

55

كانون ثاني

174

126

12

4

32

شباط

32,213

9,895

6,683

7,049

8,586

المجموع

 

الآثار النفسية والسلوكية التي ظهرت على الأطفال الفلسطينيين خلال انتفاضة الأقصى

يتأثر الأطفال بالاحتلال أكثر مما يتأثر به الكبار رغم عدم إدراكهم الكامل لما يجري حولهم، فالصدمة وما ينتج عنها من رعب وخوف ينتقل إلى الطفل بالعدوى، فبالرغم من عدم إدراك الطفل الكامل للصدمة إلا أنه يتأثر بها تماما كما يتأثر بها المدرك وينتقل إليه رعبها نتيجة ما يراه من رعب في عيون الآخرين. وقد تأثر الأطفال الفلسطينيين بممارسات الاحتلال بشكل واسع إذا أفادت إحصاءات الجهاز المركزي للإحصاء عام 2004 أن 90% من الأطفال كانت لهم تجربة في حوادث سببت لهم صدمة في حياتهم، وفي الأغلب كانت هذه الصدمة ناتجة عن التأثير الذي سببته ممارسات الاحتلال، إذ أفاد 84% من المستطلعة آراؤهم في استطلاع أجراه مركز دراسات التنمية، أنهم شعروا باضطرابات نفسية عند أطفال في أسرهم نتيجة ممارسات الاحتلال. وبشكل تفصيلي، فإن 21.9% من الأطفال تعرضوا لصدمة استشهاد أحد أفراد الأسرة، و 9.6% تعرضوا لصدمة اعتقال أحد أفراد الأسرة، و 3.2% تعرضوا لصدمة هدم المنزل.

وكما تفيد الإحصاءات في هذا المجال فقد ظهرت على الأطفال الفلسطينيين خلال انتفاضة الأقصى آثار نفسية هي آثار عب الصدمة، تمثلت بالتشتت وعدم التركيز، وضعف الذاكرة والنسيان، والحزن والاكتئاب، والحركة الزائدة، العنف تجاه الآخرين، التمرد وعدم الطاعة، ملازمة الكبار لعدم الشعور بالأمان، الأرق أو النوم الزائد، الكوابيس، اضطرابات هضمية، وعزوف عن الأكل.

وعند مقارنة نسبة الأطفال الذين ظهرت عليهم هذه الاضطرابات خلال أعوام الانتفاضة 2001و 2004و 2006 يلاحظ انخفاض في نسبة الاضطرابات النفسية التي طرأت على الأطفال نتيجة ممارسات الاحتلال، و يعزى هذا إلى انخفاض وتيرة الاعتداءات الإسرائيلية، وانحصارها في منطقة قطاع غزة، ويبين الجدول التالي هذه النسب بالتفصيل:

جدول رقم (3)

نسبة الأطفال الذين ظهرت عليهم اضطرابات نفسية للأعوام: 2001،2004،2006

الحالة

2001

2004

2006

نوبات البكاء

43.6

4.3

4.3

خوف من الوحدة

53.1

10.8

8.4

خوف من الظلام

55.4

10.8

8.4

خوف من لون الدم

41.3

 

 

الشعور باليأس والإحباط

33.6

8.4

7.1

زيادة التفكير في الموت

27.6

4.3

4.3

نوبات غضب

22.4

11

11

الكوابيس والأرق

 

6.3

6.3

وقد أظهرت الإحصاءات عام 2004 أن معاناة الذكور كانت أعلى من معاناة الإناث في قضايا نوبات البكاء، والشعور باليأس والإحباط، اضطرابات النوم، وزيادة التفكير في الموت، ونقصان الأكل والوزن، بينما كان نسب الإناث أعلى فقط في الخوف من الوحدة والخوف من الظلام.

وأظهرت الإحصاءات أن 68.8% من هؤلاء الأطفال تلقوا مساعدات نفسية وإرشادية، الأمر الذي يعكس الوعي بأهمية العلاج النفسي والإرشاد في هذه الحالات، وقد حصل 21% منهم على استشارات إرشادية من مؤسسة متخصصة، و 19.6% من مدرس الصف، و 15.4% من مرشد المدرسة، و استشار 4.7% منهم أخصائي نفسي.

وقد ترافقت هذه الاضطرابات النفسية مع ظواهر سلوكية أخرى تمثلت في التبول اللاإرادي، وإشعال الحرائق، وضرب وشتم الآخرين، والتكسير، والخوف من الخروج من المنزل، والانعزال والابتعاد عن العائلة والأصدقاء، وممارسة التدخين، وزيادة التعلق بالأم، والرغبة في النوم مع الوالدين والإخوة، بالإضافة إلى السلوك العنيف، وقد كانت هذه الظواهر السلوكية أكثر بين الذكور منها بين الإناث في كل الظواهر السلوكية باستثناء الخوف من الخروج من المنزل فقد كانت نسبة الإناث أكبر منها عند الذكور. ويبين الجدول التالي نسبة ممارسة السلوكيات خلال عام 2005:

جدول رقم (4)

نسبة الأطفال الذين ظهرت عليهم ممارسات سلوكية 2005

السلوك

النسبة 2005

إشعال الحرائق وشتم الآخرين والتكسير

5.8

الخوف من الخروج من المنزل

3

الانعزال والابتعاد عن العائلة والأصدقاء

2.2

زيادة التعلق بالنوم

7.1

الرغبة في النوم مع الوالدين

5.7

التدخين

0.8

الآثار التعليمية التي ظهرت على الأطفال الفلسطينيين خلال انتفاضة الأقصى

أثرت انتفاضة الأقصى على الواقع التعليمي الفلسطيني، إذ تم إغلاق 1289 مدرسة منذ بداية انتفاضة الأقصى، حيث كان جنود الاحتلال يعمدون إلى احتلال المدارس وتحويلها إلى ثكنات عسكرية، ومراكز اعتقال، كما تعرضت 297 مدرسة للتدمير نتيجة القصف، كما تعرض العديد من الطلبة والمدرسين للاعتقال، بالإضافة إلى سقوط 623 طالب شهداء، 75.3% في المرحلة الأساسية، و 24.7% في المرحلة الثانوية.

كما أصيب 3535 طالب، منهم 3.6% طالبات، 60.1% منهم في المرحلة الأساسية، و 38.2% منهم في المرحلة الثانوية.

وقد تركت هذه الممارسات أثرها على الأطفال الفلسطينيين، إذ أظهرت الإحصاءات أن 49.8% من الفئة العمرية (5_17) قد عانوا من تدهور في الأداء المدرسي، في حين بلغت نسبة الإناث 41.9% لنفس الفئة العمرية.

كما أثرت هذه الممارسات على نسبة التحاق بالمدارس في المرحلتين الأساسية والثانوية، إذ تراجعت هذه النسبة من 96.8% في العام الدراسي 1999/2000 إلى 86.9% في العام الدراسي 2007/2008، ويمكن تفسير ذلك بالخوف من إرسال الأطفال إلى المدارس بسبب الحواجز وما يتعرض له الطلبة في ذهابهم وإيابهم إلى المدرسة، أو بسبب الفقر الذي تسبب في زيادة عمالة الأطفال في المجتمع الفلسطيني.

من جهة أخرى تراجعت نسب الرسوب بين الأطفال الفلسطينيين من 2.9% للذكور في المرحلة الأساسية عام 1997/1998، و 2.4% إناث لنفس العام إلى 1.8% ذكور و 1.4% إناث في المرحلة الأساسية عام 2005/2006، ويرجع هذا إلى سياسة وزارة التربية والتعليم الفلسطينية التي نصت على أن نسبة الرسوب المسموح بها في الصف الواحد هي 5%.

من جهة أخرى، تشير الإحصاءات إلى تراجع نسبة التسرب من المدارس في المرحلتين الأساسية والثانوية خلال انتفاضة الأقصى، حيث تراجعت نسبة التسرب للذكور في المرحلة الأساسية من 1.47% عام 1998/1999 إلى 0.8% عام 2005/2006، ولنفس السنة والمرحلة تراجعت النسبة للإناث من 2.4% إلى 0.5%. كما تراجعت النسبة في عند الذكور في المرحلة الثانوية من 4.31% عام 1998/1999 إلى 2.3% عام 2005/2006، أما الإناث فتراجعت النسبة من 8.28% عام 1998/1999 إلى 2.9% عام 2005/2006.

الآثار الاجتماعية التي ظهرت على الأطفال الفلسطينيين خلال انتفاضة الأقصى

يقصد بالآثار الاجتماعية في هذا المحور النشاطات التي يمارسها الأطفال في أوقات فراغهم، وقد تأثرت هذه النشاطات خلال انتفاضة الأقصى، ففي عام 1999 كان 94.9% من الأطفال يشاهدون التلفاز كنشاط أساسي في وقت الفراغ، و 80.1% منهم يلعبون مع الأصدقاء.

وحتى أيار عام 2000 كان 44% من الأطفال يرغبون في القيام بنشاطات ترفيهية ولكنهم لم يقوموا، وقد عزى 44% منهم ذلك إلى عدم وجود منشآت عامة توفر لهم فرصة القيام بنشاطات ترفيهية، كما أن 20% لم يقوموا بالنشاطات التي يرغبون بها بسبب عدم وجود الوقت الكافي لديهم، ويعزى هذا إلى عمالة الأطفال في المجتمع الفلسطيني، كما أن 10% لم يمكنوا من ممارسة النشاطات بسبب عدم توفر المال الكافي، و 4% فقط لم يكن لديهم الحافز الشخصي، و3% بسبب صعوبة المواصلات.

وقد طرأ تغير كبير على ممارسة الأطفال للنشاطات خلال انتفاضة الأقصى، ففي عام 2003 كان 25.3% من الأطفال الفلسطينيين لا يرغبون في القيام بأي نشاط، الأمر الذي يعكس تراجع الدافعية الشخصية لدى الأطفال للممارسة النشاطات المختلفة، كما أن 4.3% منهم فقط التقوا بمجموعة الأصدقاء لممارسة النشاطات التي يرغبون بممارستها، و 7.3% منهم فقط قاموا بممارسة الألعاب الرياضية،و 2.1% مشاهدة التلفاز في وقت الفراغ.

وقد عزى 26.4% من الأطفال عدم تمكنهم من ممارسة النشاطات التي يرغبون بها إلى الأوضاع السياسية السائدة، و19.3% أرجع السبب إلى تكلفة النشاط العالية، و 15.5% أرجع السبب إلى عدم توفر النشاطات أصلا، فيما أعرب 14.4% منهم أن الآباء والأمهات يرفضون مشاركتهم بالنشاطات، و قال 13% منهم أن السبب هو عدم توفر الوقت.

ومع مرور الوقت على انتفاضة الأقصى تراجعت دافعية الأطفال الفلسطينيين لممارسة النشاطات الترفيهية في وقت الفراغ، ففي عام 2006 كان 67% من الأطفال الفلسطينيين لا يرغبون بالقيام بأي نشاط خلال وقت فراغهم، مقابل 32.8% يرغبون ولكنهم لم يقوموا به، وعلى عكس الأسباب التي قدمت عام 2000، فإن السبب الرئيس كان عدم توفر الوقت بنسبة 28.7% من الأطفال، الأمر الذي يعكس انتشار ظاهرة عمالة الأطفال على نطاق أوسع، و 20.1% منهم بسبب عدم توفر المال مما يعكس آثار الأزمة الاقتصادية الخانقة التي عاشها الشعب الفلسطينيين بعد انتخابات 2006، واللافت أن 10.6% من الأطفال ليس لديهم حافز شخص لممارسة النشاطات الترفيهية.

مستويات الجريمة بين الأطفال الفلسطينيين خلال انتفاضة الأقصى

كان عدد الأحداث المهتمون بارتكاب الجرائم عام 1999 775 حالة، وقد ارتفعت هذه النسبة خلال أعوام الانتفاضة إلى 698 حالة عام 2006، ولا يعتبر  هذا الارتفاع لافت للنظر، إذ يمكن أن يعزى لأسباب أخرى غير أحداث العنف التي يعيشها الأطفال، خاصة وأن جرائم القتل والشروع في القتل بين الأحداث الفلسطينيين قد تراجعت من 20 حالة عام 1999 إلى 4 حالات عام 2006، وأيضا جنح الاعتداء والمشاجرة تراجعت من 143 عام 1999 إلى 21 حالة عام 2006، ولكن حالات السطو والسرقة ازدادت من 204 إلى 253 الأمر الذي يمكن تفسيره بالأزمة الاقتصادية الخانقة التي يعاني منها الشعب الفلسطيني، والتي اضطرت العديد من الأسر إلى حرمان أبنائها من طفولتهم ودفعهم إلى سوق العمل.

النتائج

كما هو واضح فإن انتفاضة الأقصى كان لها أثر كبير على الأطفال الفلسطينيين من الناحية النفسية، إذ ظهرت عليهم اضطرابات نفسية كنتيجة للعنف الذي عايشوه خلال انتفاضة الأقصى، تمثلت في نوبات البكاء والعصبية الزائدة، والخوف من الظلام والخروج من المنزل، وزيادة التعلق بالأم، ولكن تراجعت نسبة الأطفال الذين ظهرت عليهم هذه الاضطرابات مع تراجع حدة الاعتداءات الإسرائيلية من عام 2003 إلى عام 2006.

كما تركت انتفاضة الأقصى أثر كبير على سلوك الأطفال كنتيجة للاضطرابات النفسية التي عايشوها، كان أبرزها التبول اللاإرادي، والتكسير والاعتداء على الآخرين، وترافقت هذه الظواهر السلوكية بالتراجع في الأداء المدرسي، وتراجع نسب الالتحاق في المدارس بشكل عام.

بالإضافة إلى ذلك تركت انتفاضة الأقصى أثر كبير على رغبة الأطفال الفلسطينيين بممارسة النشاطات الترفيهية إذ أن 67% من الأطفال الفلسطينيين لم يرغبوا عام 2006 بممارسة أي نشاط ترفيهي.

وأخيرا ورغم ارتفاع عدد الجرائم التي ارتكبها أحداث فلسطينيون عام 2006 عنه قبل انتفاضة الأقصى، إلا أنه ليس بالارتفاع الذي يمكن أن يفسر برد فعل على مشاهدة الأطفال الفلسطينيين ومعايشتهم للعنف، رغم أن ارتفاع نسبة جرائم السرقة لدى الأحداث الفلسطينيين يمكن أن يفسر كنتيجة للوضع الاقتصادي السيئ.

المراجع

  • الجهاز المركز للإحصاء الفلسطيني،2000. التقرير السنوي: أطفال فلسطين قضايا وإحصاءات. سلسة إحصاءات الطفل ( رقم 3). رام الله_ فلسطين.
  • الجهاز المركز للإحصاء الفلسطيني،2003. التقرير السنوي: أطفال فلسطين قضايا وإحصاءات. سلسة إحصاءات الطفل ( رقم 6). رام الله_ فلسطين.
  • الجهاز المركز للإحصاء الفلسطيني،2005. التقرير السنوي: أطفال فلسطين قضايا وإحصاءات. سلسة إحصاءات الطفل ( رقم 7). رام الله_ فلسطين.
  • الجهاز المركز للإحصاء الفلسطيني،2006. التقرير السنوي: أطفال فلسطين قضايا وإحصاءات. سلسة إحصاءات الطفل ( رقم 8). رام الله_ فلسطين.
  • الجهاز المركز للإحصاء الفلسطيني،2008. التقرير السنوي: أطفال فلسطين قضايا وإحصاءات. سلسة إحصاءات الطفل ( رقم 11). رام الله _ فلسطين