You are here

الوقاية بين النظرية والتطبيق

المصدر: 
المركز الفلسطيني للإرشاد
الناشر: 
ندى أبو كويك تلاوي
السنة: 
2009
سيتم التطرق في هذه المداخلة لموضوعة الوقاية من الاضطرابات والمشاكل النفسية والتركيز على الحالة الفلسطينية،

المقدمة : -

سيتم التطرق في هذه المداخلة لموضوعة الوقاية من الاضطرابات والمشاكل النفسية والتركيز على الحالة الفلسطينية، وذلك من خلال تحليل العوامل المؤثرة في الصحة النفسية للفرد الفلسطيني سواء كانت عوامل اجتماعية، اقتصادية او سياسية. كما وسيتم التطرق لمفهوم الوقاية من الوقوع في المشاكل والاضطرابات النفسية من خلال التطرق لمفهوم النهج الوقائي في الصحة النفسية على الصعيد النظري ، وسوف أتطرق الى تجربة عملية عبر تحليل الجانب الوقائي في عمل برامج الدائرة التربوية الاجتماعية في المركز الفلسطيني للإرشاد، مع العلم ان عملنا كمركز غير مقتصر على الجانب الوقائي فقط ، حيث يشكل النهج العلاجي جزء كبير من عملنا في مجال الصحة النفسية .

  خلفية عامة عن مسببات الاضطرابات النفسية بالتركيز على الخصوصية في المجتمع الفلسطيني

قبل الحديث عن النهج الوقائي لا بد لنا من القاء الضوء على  العوامل المؤثرة على الوضع النفسي للفرد الفلسطيني في ظل معايشته لصدمات مستمرة من جراء معاناته من وطأة الاحتلال منذ أكثر من ستين عاماً والذي بدورة أثر سلبيا على الحالة الاجتماعية والاقتصادية للفرد وبالتالي انعكس هذا الأثر على حالته النفسية.

من الواضح ان انهيار الاقتصاد الفلسطيني وانخفاض الدخل العائلي وخسارة موارد الرزق من جراء الممارسات الإسرائيلية التعسفية وإغلاق سوق العمل الإسرائيلي بوجه العامل الفلسطيني، ووضع قيود صارمة على تحركات الفلسطينيين بإنشاء جدار الفصل العنصري جعلت أكثر من نصف الشعب الفلسطيني يعيش تحت خط الفقر.

ان السياسة العدوانية التي يستخدمها الجيش الإسرائيلي تأخذ طابعا ممنهجاً في تفكيك النسيج الاجتماعي للشعب الفلسطيني وذلك انطلاقا من وعيها التام لأهمية العلاقات الاجتماعية بكافة أشكالها لتوفيرها الدعم النفسي والاجتماعي للفرد في ظل الظروف الصعبة ويتجلى هذا النهج من خلال فرض جدار الفصل العنصري والذي يعتبر اكبر جريمة تمارس بحق الانساسية لما له من أثر عميق على الصحة النفسية للأفراد.

 ولا يخفى على أحد حالة التوتر العامة الناتجة عن الممارسات المهينة التي تمارس ضد الفرد الفلسطيني ناهيك عن حالة الإحباط الناتجة عن فقدان السيطرة على الحياة، فالفرد الفلسطيني منغمس بتوفير لقمة العيش، والصراع على بقائه على قيد الحياة، فإمكانية الإبداع والتطور وتحقيق الذات بات أمرا شبه مستحيل بالنسبة للفرد الفلسطيني في ظل ظروف معيشة ونفسية متردية (سرور ، 2006).

 وعلى المدى البعيد فان هذا الوضع النفسي الصعب ينذر بحدوث اضطرابات وأمراض نفسية ليس من  السهل علاجها .

 الإطار العلمي : -

تهدف الصحة النفسية تطبيقيا الى الوقاية من الاضطرابات النفسية أولا وعلاجها والمحافظة على استمرار الصحة والتكيف الأفضل ثانيا، وفي الجانب الأول يتم العمل على تحديد الجوانب التي يمكن أن تسبب الإضطرابات من ثم العمل على إزالتها وإبعاد الأفراد عنها مع توفير الشروط العامة التي تعطي الفرد قوة عملية لمواجهه الظروف الصعبة وفي الجانب الثاني تقوم المؤسسات المتخصصة بدعم الفرد من جهه، وعلاج مشكلاته النفسية التي يمكن أن يعاني منها من الجهة الثانية، ثم مرافقته لخطوات من أجل التاكيد من حسن عودته الى أسلم وضع والى انتظام ذلك في شروط الحياة المختلفة، وهذا ما يدفع العاملين في مجال الصحة النفسية للعناية بالفرد والعناية بالبيئات المختلفة شديدة الالتصاق به (عرقوسي، 2005).

تحديات الصحة النفسية على الصعيد العالمي:

يتزايد عدد السكان الأخذين في الدخول في سن التعرض لخطر الاصابة بالإضطرابات النفسية، ونعني بهم المراهقين وصغار البالغين والمسنين. ويوضح تقرير البنك الدولي لعام 1993 والتقرير الخاص بالصحة النفسية والمسح العالمي لعبء المرض الذي أجرى في عام 1996 ، أن الاعتلال النفسي مسؤول عن اكثر من عشر اجمالي عبء المرض على الصعيد العالمي وأن من المتوقع أن ترتفع هذه النسبة الى 15% حلول سنة 2020 ، ويدخل الانتحار ضمن الأسباب الرئيسية العشرة للوفاة في العالم، كما تنضوي خمسة من الأسباب الرئيسية العشرة للعجز على نطاق العالم ضمن مشكلات الصحة النفسية، كذلك يتوقع أن يكون الاكتئاب ثاني اكبر اسباب عبء المرض بحلول عام 2020.

كما ان الافتقار الى علاج للأمراض النفسية في البلدان النامية، أمر مروع، ففي بعض المناطق تظل 95% من حالات الاكتئاب و80% من حالات الفصام، وما يترواح بين 60% ة98% من حالات الصرع بدون علاج ، ومن خلال النظر لهذه التحديات يتضح أهمية العمل على الجانب الوقائي في الصحة النفسية للحد من هذه المشاكل.

تعريف الوقاية:

يعبر مفهوم الوقاية عن الإجراءات والخدمات الطبية والاجتماعية والتربوية والنفسية والتأهيلية  التي تعمل على الحيلولة دون حدوث اعتلال أو ضعف عام عند الإنسان ومنع تطور العجز والتغلب عليه

ويهتم النهج الوقائي بالأسوياء والأصحاء قبل اهتمامه بالمرضى  ليقيهم من حدوث  المشكلات والاضطرابات

(عبيدات ، 2006) .

وتهدف الوقاية الى الكشف المبكر عن المشكلات والاضطرابات النفسية قبل تطورها وتفادي حدوث المشكلات النفسية بالإضافة الى التدخل المبكر لعلاج المشاكل قبل استفحالها .

وتتم عملية الوقاية على عدة مستويات من ضمنها الوقاية الأولية والتي  تتضمن منع حدوث المشكلة او الاضطراب او المرض بإزالة الأسباب حتى لا تتطور المشكلة، بالإضافة الى الوقاية الثانوية والتي  تتضمن محاولة تقليل أثر إعاقة الاضطرابات أو منع ازمان المرض.

وتتركز الخطوط العريضة للوقاية من الاضطرابات النفسية فيما يلي : -

الإجراءات الوقائية الحيوية:- ونتضمن الاهتمام بالصحة العامة والنواحي التناسلية.

الإجراءات الوقائية النفسية:- وتتضمن رعاية النمو النفسي السوي، ونمو المهارات الأساسية والتوافق الزواجي، والتوافق الأسري، والتوافق المهني، والمساندة أثناء الفترات الحرجة، والتنشئة  الاجتماعية السليمة.

الإجراءات الوقائية الاجتماعية:- وتتضمن إجراء الدراسات والأبحاث العلمية وعمليات التقويم والمتابعة والتخطيط العلمي للإجراءات الوقائية ( The city kids foundation, 2006) .

خطوات وقائية لتحسين الصحة النفسية في العالم:-

  • توفير خدمات نفسية شاملة للكشف المبكر والرعاية.
  • دمج الصحة النفسية داخل أنشطة الرعاية الصحية الأولية.
  • تزويد جميع المهنين بالمهارات المتعلقة بالصحة النفسية.
  • تطوير الخدمات من أجل التدخل أثناء الأزمات في المجتمع.
  • وضع برامج مدرسية للصحة النفسية.
  • تطوير التدريب على مهارات القيام بدور الأب أو الأم.
  • وضع برامج لسكان الحضر ، مثل إضافة مكون صحي نفسي الى مشاريع المدن الصحية.
  • وضع برامج لأنماط الحياة ومعالجة الضائقة.
  • تثقيف العامة في محال الصحة النفسية.

  التجربة العملية :-

ومن منطلق إيمانا كمؤسسة رائدة بالصحة النفسية وبأهمية العمل التكاملي والشمولي للوصول الى أفضل النتائج المرجوة لتمكين الأفراد وتقويتهم نفسيا ليصبحوا اقدر على مواجهه متطلبات الحياة ومتغيراتها وتأكيدا منا على أن الوقاية خير من قنطار علاج هو ليس شعار يتردد على السنة الملايين فقط، وإنما هو قاعدة أساسية في تحقيق صحة نفسية للأفراد  وقاعدة تنموية لا غنى عنها لإحقاق تنمية بشرية مستدامة عمادها الإنسان الفعال والسليم جسديا ونفسيا.

ومن هنا تبنى المركز الفلسطيني للإرشاد النهج الوقائي  ليتم العمل عليه جنبا الى جنب مع العمل على النهج العلاجي، لا سيما أن العلاج يشكل عبئا كبيرا على الفرد والمؤسسات وخصوصا في الحالات الصعبة من جهة وندرة الكوادر المتخصصة والمؤهلة للعمل العلاجي من جهة أخرى.

ويتضح العمل على النهج  الوقائي من خلال عملنا في الدائرة التربوية الاجتماعية ضمن البرامج المختلفة والتي تهدف الى التقليل من خطر الوقوع بالمشاكل والاضطرابات النفسية، حيث يتم العمل مع كافة فئات المجتمع بشكل مباشر وبشكل غير مباشر، وتختلف الآليات المتبعة لتحقيق هذا الهدف بما يتلاءم واحتياج الفئة التي يتم العمل معها.

نبذه عامة حول البيئة الاجتماعية الاقتصادية للفئات التي يتم العمل معهاو أثرها على صحتهم النفسية:-

تعيش معظم عائلات هذه الفئات في مناطق مزدحمة  سكانيا خصوصا البلدات القديمة، نسبة خصوبة عالية جدا، عدد افراد الأسره يتجاوز 5 افراد، البيئة المنزلية غير صحية، البيوت صغيرة جدا لا وجود لمساحات للعب أو الدراسة، اضافة الى معاناة سكان البلدات القديمة من الفقر المدقع كما هو الحال في المجتمع الفلسطيني بأسره، حيث تجاوزت نسبة الفقر 60 % وبالتالي يتأثر الأطفال نفسيا واكاديميا  بشكل مباشر وغير مباشر جراء الحالة الاقتصادية الصعبة للعائلات.

أما على الصعيد الاجتماعي، هنالك حالة من  فقدان الخصوصية  نتيجة البيئة المنزلية المزدحمة، عدد أفراد الأسرة الكبير في مساحة لا تتجاوز أمتار بسيطة، وأحيانا يعيش داخل الأسرة الجد والجدة .

بالتالي يؤثر هذا الواقع على تربية الأبناء، من خلال تعدد النماذج التربوية التي تبث رسائل تربوية متعارضة، ومن جهه أخرى تؤثر هذه البيئة على مفهوم الأطفال لطبيعة العلاقة بين الجنسين والتوجهه للجنس الاخر  نتيجة تعرض الأطفال لمواقف ومشاهد بين الوالدين في بيئة محصورة جدا، الأمر الذي يشوه مفهوم العلاقة مع الجنس الاخر لدى الأطفال. 

 كما يعاني العديد من الأطفال والشباب المنتفعين من مشاكل أسرية، تفكك أسري، عنف عائلي، انفصال بين الوالدين، ادمان على المخدرات، هذه الظروف الأسرية تترك آثارا سلبية على  نفسية الطفل وشخصيته وهويته الذاتية.

اضافة الى أن المدارس تعاني من افتقار للبيئة الملائمة للتعليم، فلا وجود لأماكن للعب أو ساحات واسعة، عدد الطالب في الصف الواحد يتجاوز 40 طفل، في ظل صفوف ضيقة وغير صحية، أما الشق الثاني المتعلق بفقر البيئة التعلمية فمتعلق بالكوادر البشرية، من معلمين، مديرين ومشرفين ، فهم جزء من نظام تعليمي يفتقر الى التأهيل المناسب، الإبداع في التعليم، إضافة الى المناهج التي يلزمون بتطبيقها والتي تعاني من مشاكل عديدة أهمها الأسلوب التلقيني الذي يعتمد عليه، افتقاره الى تطوير الابداع لدى الطلبة.

هذه الظروف المعيشية تؤدي الى  زيادة نسبة العنف الأسري، المدرسي بالإضافة الى العنف في الشارع، الاعتداءات الجنسية داخل العائلة، انحرافات سلوكية خصوصا الادمان  على المخدرات، زواج مبكر خصوصا لدى الإناث، تسرب من المدارس والانخراط بسوق العمل وخصوصا في مجال الاقتصاد غير الرسمي الأمر الذي يشكل العديد من المخاطر على صحة الطفل النفسية وتطوره الذهني، وتحصيله الأكاديمي  اضافة الى حرمانه من العيش كباقي الأطفال وبالتالي التأثير المباشر على الحالة النفسية للأطفال، الأمر الذي  يعرض الأطفال للوقوع فريسة للمشاكل والاضطرابات النفسية على المدى البعيد. 

ومن هنا  يأخذ العمل الوقائي حيزا كبيرا من خلال برامج الدائرة التربوية الاجتماعية وخصوصا برنامج التعليم غيرالرسمي وبرنامج الأخ الكبير الأخت الكبيرة، حيث يساهم كلا البرنامجين بالعمل على تطوير المهارات الحياتية مثل مهارات الوعي الذاتي والتعبير عن المشاعر، طرق وآليات التعامل مع المواقف العنيفة، إدارة الوقت، الحزم، المشاركة، والتي بدورها تساهم في بناء شخصية الطفل وتقوية مهاراتة الذاتية ليصبح أقدر على مواجهه الظروف الضاغطة ويتعامل معها بطرق صحية.

ومن جهه اخرى يتم العمل مع فئة المراهقين والمراهقات على قضايا اساسية تتلائم مع المرحلة العمرية الحرجة التي يعيشها افراد هذه الفئة مثل الزواج المبكر خصوصا لدى الأناث، لما له من تبعات سلبية تكمن في عدم قدرة الاناث على تحمل مسؤولية الزواج، وادارة الحياة الزوجية بطريقة صحية في جيل مبكر، نتيجة عدم اكتمال النضج العاطفي والنفسي لديهن، وذلك ناتج  عن  اختزال مرحلة الطفولة  والانتقال بشكل قصري الى مرحلة الرشد. ناهيك عن التاثيرات السلبية على صحة الفتيات الناتجة عن تعرضهن للانجاب في جيل مبكر، هذه الظاهرة السلبية بتأثيراتها كفيلة بتعرض نسبة كبيرة من الفتيات الى الوقوع في المشاكل النفسية، خصوصا الاكتئاب، اكتئاب ما بعد الولادة، الاحباط، التوتر، اضافة الى اعادة انتاج هذه المشاكل عبر الأجيال من خلال اساليب التربية الخاطئة التي تمارسها الأمهات نتيجة عدم نضجهن، وقلة المعرفة بالأساليب التربوية الملائمة، لذا يتم العمل مع هذه الفئة على أهم المهارات التي تساعد في محاربتنا لهذه الظاهرة وخصوصا مهارة توكيد الذات، القدرة على اتخاذ القرارات، اضافة الى التوعية حول مخاطر الزواج المبكر على الصعيد النفسي والجسماني.

كذلك يتم العمل على وقاية هذه الفئة من التسرب من المدارس، بهدف حمايتهم من الانخراط في سوق العمل في جيل مبكره وبالتالي الانحراف نتيجة تواجدهم في بيئات تساعد على الانحراف لعدم وجود قوانين للحماية في ظل عدم اكتمال النضج النفسي والجمساني لهذه الفئة خصوصا الذكور. وتتم عملية الوقاية من خلال التوعية، المتابعة الدورية مع الشباب، التدريب على مهارات حياتية التي تساهم في تطوير شخصية الشباب، اضافة الى توجيه الشباب لآطر مساندة للحيلولة دون تسربهم من المدارس.

ولا يقتصر العمل هلى الجوانب النفسية والاجتماعية كمواضيع للوقاية وانما يتم التركيز على الجوانب الاكاديمية على اعتبار  التحصيل الأكاديمي يؤثر بشكل مباشر على الحالة النفسية للطفل وشخصيتة وهويته الذاتية.

فالأطفال الذين يعانون من صعوبات تعلمية ناتجة عن الظروف التعليمية الصعبة التي تحيط بالبيئة التعليمية للطفل سواء كانت البيئة المدرسية بما فيها المعلمين، المنهاج التعليمي واشكالياته، هم عرضة للتسرب من المدارس وبالتالي في الوقت الذي تعتبر فيه هذه المهارات أحدى أهم الأسس للحياة اليومية، فإنه يتم التركيز على هذه المهارات في العمل بهدف تقليل الأمية بين الأطفال قدر الامكان وتحسين مستوى التحصيل الاكاديمي  لديهم.

ولا يقف عملنا مع الفئات عند الاطفال فقط وانما يتعداه للعمل مع كافة فئات المجتمع بشكل مباشر من خلال برنامج التوعية المجتمعية والذي يركز على التوعية المباشرة حول المشاكل والاضطرابات النفسية والمفاهيم الخاطئة حول المرض النفسي، أساليب التنشئة الاجتماعية، الوالدية، العنف بأشكاله المختلفة وكيفية التعامل مع ضغوطات الحياة، من خلال عدة اليات من ضمنها المحاضرات والمجموعات والحملات التوعية. هذه الأطر توفر لفئات مختلفة من المجتمع المعلومات الأولية حول الصحة النفسية، كما توفر لهم عناوين للتوجه لطلب المساعدة، كما تعتبر إطار ملائم للكشف المبكر عن المشكلات المتوقع حدوثها لدى المستفيدين من المجموعات بشكل مباشر، وتتعدى الاستفادة إلى المحيط الاجتماعي لهؤلاء المستفيدين من أقارب وجيران.

ويوفر البرنامج إطار الاستشارة الفردية، وهذا الإطار بدورة يساهم بتقديم الدعم المباشر للمستفيدين والأشخاص المقربين منهم. إضافة إلى ذلك يقوم البرنامج أيضا بتحويل الحالات التي تتطلب تدخلا إرشاديا أو علاجيا الى الجهات المناسبة .

اما الطرق غير المباشرة والتي يتم استخدامها في الوقاية تتلخص بالعمل من خلال الوسائل الاعلامية  المسموعة والمرئية والتي من خلالها يتم نقل رسائل توعوية حول المشاكل والاضطرابات النفسية وطرق الوقاية منها.

 

الخلاصة : -

أن العمل على النهج الوقائي يترك أثرا ايجابيا على الفئات المختلفة، فعلى سبيل المثال عبر 90 % من الفئات التي يتم العمل معها في برنامج التوعية عن حصولهم على معلومات حول الاضرابات النفسية المختلفة لأول مرة، الأمر الذي ساهم في تغير نظرتهم للمرض النفسي ودور مؤسسات الصحة النفسية. اضافة الى حدوث تغير في معتقداتهم عن مسببات المرض النفسي الذي كانوا يعزوه الى الأرواح الشريرة وبالتالي اللجوء الى عناوين غير مناسبة طلبا للعلاج مثل العرافين والمشعوذين، حيث زدات عدد الحالات التي تم تحويلها للارشاد النفسي أو طلب الاستشاره النفسية بعد التدخل معهم من خلال اللقاءات التوعوية.

وعلى صعيد العمل مع الشباب ساهم بمنع تسرب العديد من الشباب من المدرسة من خلال دعمهم نفسيا بالاستمرار بالتعليم أو التوجهه لاطار مهني، كما تم العمل على تغيير في توجهات بعض الشباب تجاه الزواج المبكر وخصوصا الاناث.

ومن جهه أخرى ساهمت البرامج بتقديم الدعم الاكاديمي والاجتماعي للأطفال الامر ساهم في تحسن ملحوظ على مهارات الكتابة والقراءة للأطفال من الصفوف الابتدائية، الأمر الذي انعكس على شخصيتهم، حيث زادت ثقتهم بانفسهم، انخفضت لديهم السلوكيات العنيفة، وتوسعت اطر مشاركتهم الفعالة داخل الأسرة، المدرسة من خلال التعبير عن آرائهم ووجهات نظرهم، كما تطورت قدراتهم في التعبير عن مشاعرهم وهذه المهارات كفيلة أن تشكل اسس للوقاية.

ومما لا شك فيه أن الوقاية وخصوصا الوقاية من خلال التوعية هي نهج أساسي لتفادي حدوث المشاكل والاضطرابات النفسية، ومنع تطور بعض الحالات الى حالات مرضية من الصعب علاجها، اضافة الى ان النهج الوقائي الذي يستخدم الطرق التشاركية في نقل الرسائل التوعوية هو نهج يساهم في تقوية الفرد وتمكينة، الأمر الذي ينعكس على شخصية الفرد، ليصبح أقدر على مواجهه الحياة بكافة متغيراتها، قادر على اتخاذ القرار  المناسب، فعال ومشارك وبالتالي انسان منتمي وصاحب رؤية مستقبلية.

Louis Vuitton Sale Gucci Outlet Store

مما لا شك فيه أن عملنا يتخلله الصعوبات والاخفاقات أحيانا ولكن لا بد لنا من الاستمرارية على هذا النهج مع الحفاظ على مبادئ أساسية وقواعد ثابتة لضمان النجاح ومن اهمها التعاون المستمر بين كافة القطاعات العاملة بالصحة النفسية بشكل أساسي، بهدف العمل ضمن رؤية موحدة، وتعتبر المشاركة المجتمعية قاعدة ذهبية للنجاح وخصوصا ان المشاركة تساهم في تقوية الأفراد وتنمية الانتماء لديهم تجاه القضايا المجتمعية  والعمل من اجلها، ويشكل توزيع الخدمات النفسية المقدمة بشكل متكافئ يتلائم مع الاحتياج ضرورة لا بد منها لضمان وصول هذه الخدمات للأفراد بشكل يتلائم مع حاجاتهم النفسية والامكانيات المتوفرة سواء كانت مادية أوغيرر مادية.